الأربعاء، 23 نوفمبر 2011

المشير المبارك..!!


التاريخ يعيد نفسه ، ميدان مشتعل ، قتلى وجرحى ، قنابل غاز ورصاص مطاطي وأحيانا حي ، مؤيدون ومعارضون ، تخوين هنا واتهام بالعمالة هناك ، وشعب حائر أو مضلل ، جله لبساطته وجهله بعد تجهيله لا يدرك ما يحدث ولا يجيد النقد ولا يستطيع الحكم على الحدث ، وبالنهاية خطاب سياسي باهت من أصحاب منصب مغيبين عن الواقع ، في برج عاجي معزول ، يلعبون كعادتهم على مشاعر الناس واستعطافهم وتضليلهم وعلى عامل الوقت أيضا.

قضيت أمس - يوم البيان - بالمستشفى ، طبيبا ولست مريضا :)، وكان اليوم هادئا كالشتاء ، على عكس سخونة الأحداث ، في الحقيقة لم أنتظر خطاب المشير بشغف أو بفارغ الصبر كما كنت أفعل مع خطابات مبارك ، توقعت خطابا مخيبا للآمال ، باهتا مملا ، به كثير من الإنشاء قليل من الحلول ، وقد حدث ، استمعنا إلى خطاب مباركي آخر ، لدرجة أني شككت أن كاتب الخطاب هو ذاته كاتب خطابات مبارك الثلاثه !!

التلفزيون المصري منذ الظهيره يقول :"بعد قليل" ، ننتظر وننتظر ، نقوم ونقعد ، نصحو وننام ، ومازال القليل لم يأت بعد ، تماما كخطابات مبارك ، ربما التأخير هنا لم يكن "غلاسه" ، ولا من باب التشويق ، ربما كان هو وقت المونتاج - الفاشل - للخطاب.

أسف المشير - تماما كأسف مبارك - لدم الضحايا (وليس الشهداء) ، وهو أسف غير مقبول ومبتذل ومستفز ، فليس من المعقول أن تكون المسئول الأول عن ما يحدث ، ثم تخرج بكل بساطه لتتأسف ، ماذا يفعل الناس بأسفك وبينما هم يسمعونك يموت أبناؤهم على الأرض ، ماذا يفعلون بأسفك وأنت تقول بكل تبجح أن الداخليه تقوم بعملها وأنك تدعمها ، يعني تتأسف للمقتول وتدعم قاتله ، لم يكن مطلوبا منك التأسف ، لست رجلا حقوقيا يجيد الأسف أو يمتهنه ، واجبك هنا ليس التأسف ، بل وضع حد لما يحدث.

"أنا قررت" ، أكثر جمل الخطاب استفزازا ، فيها كم لا يستهان به من العنجهية والإستعلاء ، ثم من أنت حتى تقرر - وحدك - أي قرار ، أنت يا سيادة المشير على رأس مجلس يدير شئون البلاد ، بناء على شرعية نحن أعطيناها لكم ، لست رئيسا ولا يصح أن تتكلم كرئيس ، كان من الأولى أن تقول " لقد قرر المجلس" هذا هو الطبيعي والمنطقي والمقبول ، ما فهمته أنا من الجملة أنك تبعث برسالة أنك أنت الآمر الناهي ، ربما الأمر كذلك ،لأن المجلس هو مجلس عسكري بحت ، فإن هناك خطوطا حمراء ووقوفا لازما عند الرتب والأقدميات ، فليطعك المجلس إذا ، ولتطعك الحكومة كما تشاء ، لكن لا تطلب ممن أعطاك الشرعية أن يكونوا مسلوبي الإرادة كأنه مجندون لديك.

دور القوات المسلحة دور محوري لا ينكره عاقل منصف ، وجهودها فوق رؤوسنا ، ولا يتصور أن يسب القوات المسلحه وأن يشوه صورتها إلا عدو لمصر ، تحدث المشير عن ذلك ، وأسف أسفا شديدا - كأسف مبارك - مما يتعرض له الجيش من نقد وسباب ، هنا تضليل كبير ، وتلاعب بالكلمات ، وسياسة خلط حمقاء ، لم نسمع أحدا يسب الجيش أو ينكر دوره ، ولا يصح ذلك من الأساس ، إن كل ما يقال هو نقد لاذع لقيادة سياسية فاشله متمثله - للأسف - في المجلس الأعلى للقوات المسلحه ، وليس المجلس هو الجيش ، وليس الجيش هو المجلس ، نقطة قتلت بحثا وإيضاحا ، ولم يفهمها المشير بعد.

قرر المشير - على حد قوله - قبول استقالة الوزاره ، مع بقائها في مكانها كحكومة تسيير أعمال ، ماذا كانت إذا قبل الاستقاله؟!!! كانت حكومة تصريف أعمال ، طيب وبعد الاستقاله ؟!! حكومة تسيير أعمال!! ما هذا السخف؟!! ما الفائدة التي عادت علينا إذا من قبول الاستقاله ؟!! ولماذا لم يتم تحديد رئيس الوزراء الجديد ؟؟ ولماذا لم يتم تحديد صلاحيات الوزارة الجديده ؟؟ فوزارة جديده بنفس الصلاحيات القديمة هو العبث بعينه ، على الأقل لماذا لم يتم تحديد جدول زمني أو موعد لتشكيل حكومه جديده ؟!! يعني تم قبول الاستقاله ولكنها باقية إلى أن يأذن السيد المشير لها بالرحيل في وقت هو في علم الغيب لا يعلمه إلا الله ، حتى مبارك عندما أقال حكومة نظيف شكل حكومة أخرى ، مبارك نفسه لم يتعلل بالظروف والأحوال والتوقيت والجو ، لا بديل عن حكومة إنقاذ وطني بصلاحيات تامه كامله لقيادة المرحلة الانتقاليه دون وصايه من المجلس الموقر ، فقد ثبت بالدليل القاطع فشل المجلس سياسيا ، ولا لوم عليهم فجل ما يفهمه هؤلاء هو العسكرية ، أن ترمي بهم في ملعب السياسه ، كأن تأتي بأبو تريكه لإجراء عملية قلب مفتوح ، سيموت المريض إذا ، أو أن تأتي بالدكتور مجدي يعقوب ليلعب بصفوف المنتخب ، حتما لن يحرز هدفا ، يجب الاعتراف أن لكل منا دوره الذي يجيده ويحسنه ، ولو قرر أن يلعب دورا آخر لفشل فشلا ذريعا ، الأمر يحتاج إلى بعض التنازل وتقديم مصلحة مصر على الجميع.

أخيرا ، بصيص أمل ، آثرت أن أؤمن به لئلا أخرج من الخطاب بلا شيء ، انتخبات رئاسيه منتصف 2012 ، ربما هو مجرد وعد غير مدعوم بأي ضمانات أو خطه أو خارطة طريق ، كأن تقول لابنك الذي يبكي ليلا من أجل الشيكولاته ، نم وسأحضرها لك غدا ، وغالبا تنسى وعدك ، تماما كما قالوا من قبل سنسلم السلطه خلال ستة أشهر ، لكنه بالنهاية بصيص أمل ، لا يجب أن نيأس ، فلا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس ، ولو يأس أصحاب التحرير لماتت الثورة ، ولماتت معها مصر.

حفظ الله مصر ، وحفظ شعبها ، وهداهم سبلهم

اللهم آمين

3 هاه..إيه رأيك؟:

صراحة تحليل واعي جدا جدا للاحداث .. ينم عن فهم عميق
تحياتي والسلام
 
محمد سعد القويري

أهلا بك

لا يهم إن كان تعليقك خارج موضوع المدونه

المهم أنك شرفتني بالزياره

وسأطلع على التفاصيل بإذن الله

تحياتي
 
آدم المصري

أهلا بك

وشكرا لك على مرورك الكريم

أعتقد أننا جميعا نحتاج إلى البحث ومحاولة الفهم

انها أمانة ومسئولية الآن

من أجل مصر

تحياتي لك
 

إرسال تعليق