لم أكن يوما ممن يكتبون مذكراتهم ، رغم استحساني للفكرة كثيرا ، فكم هو جميل أن تدون حياتك يوما يوما ، كم هو ممتع أن تسترجع مشهدا كان محي تماما من ذاكرتك ، أن ترى رأي العين أشخاصا تاهوا في زحام العمر ، أن تستعيد صباك ، وتزيح تلك التجاعيد التي غيرت وجهك ، أن تزيحها ولو كحلم يقظه ، وربما تبسمك يقهر بعضا منها حقا ، ربما أفكر يوما في كتابة مذكراتي.
كعادتي ، لم أدون العام العاشر بعد الألف الثانية من الميلاد كما لم أدون ما قبله ، إلا أنني أتذكر معظمه جيدا ، هو عام فارق في حياتي ، وقليلة هي تلك الأعوام الفارقة في حياتي..
تخرجت أخيرا ، تفوقت على نفسي أخيرا ، تحديتها وربحت التحدي بجدارة والحمد لله ، قد كنت من عامي الأول في الكليه من هواة التأجيل ، حتى فوجئت في عامي الأخير بالكليه أن عندي مواد سنتين من أصعب سنوات الكليه ، باطنه...أطفال...جراحه...نساء وتوليد ، ذاكرت ونجحت ، ورغم أن تقديري في العامين هو "جيد" إلا أن ذلك نسبة إلى ما قبله يعد تفوقا كبيرا ، وانتصارا على نفسي الأمارة بالسوء.. :)
عملت أيضا ، بداية عملي كانت بمستشفى خاص بالزقازيق ، ربما هي الوظيفة الأقل شأنا التي يعملها طبيب قط ، هي مجرد وظيفة إداريه بحته ، "تليفونيست"... هكذا أراها ، فغاية عملك أن تكون حلقة الوصل بين المرضى والأطباء المعالجين لهم....
- أنــــــــا : ألو ، أيوه يا افندم مع حضرتك فلان الفلاني من مستشفى كذا ، حالة سيادتك عندها مغص ، حضرتك شايف إيه؟!!!
- الدكتور : إديله يا ابني أمبول بسكوبان...تيت..تيت..تيت
شعرت بكثير من قلة القيمه ، وقد علمني والدي - رحمه الله - عندما أفكر في أمر ما ، أن أجعل المال هو آخر جوانب التفكير في الموضوع ، تركت الوظيفة بعد شهر واحد..!!!
صديق لي له ابنة عم تعمل موظفه بمستشفى السلام التخصصي ، عرضَت عليه أن توفر لنا فرصة لنتدرب هناك ، المستشفى رائعه ، وانتظام العمل هناك رائع ، استفدت كثيرا ، وما أن رآنا مدير الإستقبال حتى عرض علينا العمل بمستوصف خاص لديه ، وافق محمد على الفور..
- أنـــــا : يا محمد أنا لسه ماعرفش أسماء الأدويه..
- محمد : ملكش دعوه أنا هاعلمك كل حاجه..
محمد تدرب في عدة مستشفيات قبل مستشفى السلام ، وعمل كمدير صيدليه لمدة ثلاث سنوات ، له خبرة تفوق سنه ومرحلته الدراسية كثيرا ، عملنا معا ، كان الأجر زهيدا جدا ، بالكاد يكفي الطعام والمواصلات ، في شهرنا الأول ، كان محمد يقوم بكل العمل ، ويعلمني أيضا ، ومع ذلك أصر أن نقتسم المال سويا ، رفضت كثيرا ، لكنه ربط بقاءنا في العمل بأن نقتسم المال ، وافقت على مضض ، تعلمت الكثير من محمد حياتيا وعلميا ، أحمد الله أن رزقني به ، أدام الله ودنا.
دخل إلى حياتنا الشيخ محمود ، شاب يصغرني - سنا - بعامين ، لكنه يكبرني - دينا وخلقا وفقها - بمئات السنوات ، تأثيره الأكبر كان على أخـَوَيَّ الأصغرين إسلام وأحمد ، قبل أن يتعرفا عليه كانا شابين كباقي الشباب ، مدرسة بالصباح ، دروس ، تلفاز ، إنترنت ، لعب كره ، ثم أضف إلى ذلك بعض صلاة وبعض قرآن ، وبعد أن عرفاه - أو عرفهما - تبدل الترتيب تماما..صلاة..قرآن..دراسه..ثم أضف بعد ذلك ما تشاء - أو لا تضف - ، الآن هما يؤمان الناس بالصلاه ، أوشكا على ختم القرآن الكريم حفظا ، كم كنت أحزن أن أحدنا لم يكن ولدا صالحا يدعو لوالده ، وها قد صار له ولدان - أحسبهما - صالحيـْن ولا أزكي على الله أحدا ، ولكم أستحي منهما ومن الله عندما أجلس لأشاهد فيلما وأجدها يغضان البصر عنه خوفا من الله عز وجل ، جزى الله الشيخ محمود عنهما خير الجزاء وبارك فيهما وثبتهما على الإيمان.
عدت إلى الإهتمام بالتدوين ثانية ، وعدت إلى الكتابة بمنتدى الفردوس الذي هجرته طويلا ، ولكم يسعدني ذلك ، فكم هو جميل أن يكون لك أصدقاء لم ترهم قط ، تحبهم ويحبونك دون هدف أو غايه ، يحبون شخصيتك وأفكارك وثقافتك ، ولا يعنيهم من أنت ، قدر ما يعنيهم ما أنت عليه ، هي صداقة أفكار وثقافات وعقول ، صداقة من نوع مختلف..ومميز.
ختام العام مسك ، رغم مروري بشدة جعلتني أعتقد أن العام أبى أن يمر إلا بعد أن يضايقني ، لكنه لم يفلح :) ، فقد بينت لي تلك الشدة كثيرا مما لم أكن أراه ، بينت لي من هو صديقي الحقيقي ، الصديق الذي يظهر وقت الضيق ، ليحمل الهموم عنك حملا ، ربما هي المرة الأولى منذ وفاة والدي التي أشعر فيها أنه لم يمت ، وجدت حولي من يقف بظهري ، يقيمه قبل أن ينحني ، يدافع عني مثل أبي تماما ، يقول عني ما كان أبي ليقوله لو كان بيننا ، وجدت من آثرني على نفسه وولده ، وساندني إلى حد لم أتوقعه منه ، ولم أنتظره ، ولم يخطر ببالي أن أطلبه ، الحمد لله أن لي مثل هؤلاء ، بارك الله فيهم وجزاهم عني وعن إخوتي خير الجزاء.
تعادل الأهلي والزمالك يرضيني شخصيا ، أرى أنه تعادل بطعم الفوز للأهلي ، وأرى - بخلاف نقاد كثيرين - أن الأهلي (بهدل الزمالك) ، وأن الأهلي ربح من المبارة ما لم يربحه طوال الدوري ، تكفينا عودة الروح ، وعودة كل لاعب إلى مستواه ، وإن شاء الله الدوري للأهلي ، وليس لإبراهيم حسن كما كان يشير ، كابتن زيزو...شكرا.
أخيرا.. وداعا 2010 أحببتك حقا ، الحمد لله حمدا كثيرا
وأهلا 2011 ، أسأل الله أن يبارك فيك ويصلح حالك
اللهم آمين
وأهلا 2011 ، أسأل الله أن يبارك فيك ويصلح حالك
اللهم آمين